من أنماط السلوك اللاواعي لدى الناس أفرادا وجماعات التشكي الدائم من الأحوال المعاصرة على خلفية افتراض أن الماضي كان طوباويا، وهم حتى لا يدركوا حقيقة ما يقولونه وأبرز مثال على ذلك التشكي المستمر من التفكك الاجتماعي وافتراض أن أهل الماضي كانوا يعيشون في جنة مع الترابط الاجتماعي، بينما من يطالع ما كتبه أهل الماضي سيكتشف أن المثالية الطوباوية للماضي والتاريخ هي خرافة نسجتها عقول لا واعية، ويكفي للدلالة على حقيقة أن العلاقات الاجتماعية المترابطة لم تكن يوما جنة وسعادة؛ ما روي عن حال الناس فيما يعتبر أفضل العصور حيث كتب الخليفة عمر بن الخطاب لولاته: «مروا الأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا» أي يزورون بعضهم لكن لا يسكنون جوار بعضهم، وعلق الفقهاء على هذه الوصية بأن تجاور الأقارب يتسبب بالصراعات والتجاوز على حدود وحقوق بعضهم مما يورثهم العداوة وقطيعة الرحم وكثرة اللجوء للقضاء للفصل بينهم.
ويمكن بعصرنا رؤية أن مستوى تعاسة الفرد تزيد بقدر معيشته في بيئة مترابطة اجتماعيا كالبيئات التقليدية والعشائرية والقروية حيث يحرم الفرد من اتخاذ أي قرار مستقل يمثل قناعاته وطموحه؛ لأن المجتمع المترابط الذي ينتمي إليه يستبد بأمره ويصل لدرجة تطليق زوجين متمسكين ببعضهما تزوجا برضى أوليائهما لكن آخرين من مجتمعهما المترابط رفعوا قضية لتفريقهما ببدعة تكافؤ النسب العنصرية، وجمع ديات القتلة ليس مثالا على إيجابية الترابط الاجتماعي؛ لأنه لا يقابله جمع تبرعات لإنقاذ حياة المرضى! وتزداد سعادة الفرد كلما كانت معيشته في بيئة غير مترابطة اجتماعيا؛ لأنه تكون لديه حرية أكبر لاتخاذ قراراته الخاصة التي يمكنه إقناع أهله بها طالما أن أهله ليسوا مقيدين بمجتمع أكبر مترابط يعارض موافقتهم لأبنائهم بقراراتهم المستقلة والتقدمية، وأكثر من يعاني ويكون ضحية للترابط الاجتماعي الذي تتميز به البيئات التقليدية هن النساء، ولهذا يلاحظ انتشار العنف الأسري المادي والمعنوي وقمع النساء في البيئات المترابطة اجتماعيا أكثر بكثير من البيئات غير المترابطة اجتماعيا، وكلما كانت المنطقة أكثر تطورا حضاريا ورفاها ماديا كانت أكثر تفككا اجتماعيا؛ لأن النزعة الفردية تصبح هي الأساس، فكلما كان الناس مضطرين للعيش بأماكن صغيرة ومتقاربة فقدوا ماديا ومعنويا الاستقلالية الفردية.
لهذا يجب التوقف عن التشكي بشأن التفكك الاجتماعي فهذا من جحود النعمة، ويجب حمد وشكر الله على هذه النعمة الكبرى التي وبخاصة بالنسبة للنساء هي أساسية لتمكين الأفراد من اتخاذ القرارات والخيارات المستقلة التي تحقق لهم طموحهم وسعادتهم.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com
ويمكن بعصرنا رؤية أن مستوى تعاسة الفرد تزيد بقدر معيشته في بيئة مترابطة اجتماعيا كالبيئات التقليدية والعشائرية والقروية حيث يحرم الفرد من اتخاذ أي قرار مستقل يمثل قناعاته وطموحه؛ لأن المجتمع المترابط الذي ينتمي إليه يستبد بأمره ويصل لدرجة تطليق زوجين متمسكين ببعضهما تزوجا برضى أوليائهما لكن آخرين من مجتمعهما المترابط رفعوا قضية لتفريقهما ببدعة تكافؤ النسب العنصرية، وجمع ديات القتلة ليس مثالا على إيجابية الترابط الاجتماعي؛ لأنه لا يقابله جمع تبرعات لإنقاذ حياة المرضى! وتزداد سعادة الفرد كلما كانت معيشته في بيئة غير مترابطة اجتماعيا؛ لأنه تكون لديه حرية أكبر لاتخاذ قراراته الخاصة التي يمكنه إقناع أهله بها طالما أن أهله ليسوا مقيدين بمجتمع أكبر مترابط يعارض موافقتهم لأبنائهم بقراراتهم المستقلة والتقدمية، وأكثر من يعاني ويكون ضحية للترابط الاجتماعي الذي تتميز به البيئات التقليدية هن النساء، ولهذا يلاحظ انتشار العنف الأسري المادي والمعنوي وقمع النساء في البيئات المترابطة اجتماعيا أكثر بكثير من البيئات غير المترابطة اجتماعيا، وكلما كانت المنطقة أكثر تطورا حضاريا ورفاها ماديا كانت أكثر تفككا اجتماعيا؛ لأن النزعة الفردية تصبح هي الأساس، فكلما كان الناس مضطرين للعيش بأماكن صغيرة ومتقاربة فقدوا ماديا ومعنويا الاستقلالية الفردية.
لهذا يجب التوقف عن التشكي بشأن التفكك الاجتماعي فهذا من جحود النعمة، ويجب حمد وشكر الله على هذه النعمة الكبرى التي وبخاصة بالنسبة للنساء هي أساسية لتمكين الأفراد من اتخاذ القرارات والخيارات المستقلة التي تحقق لهم طموحهم وسعادتهم.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com